الموقع يستخدم ملفات الارتباط Cookies ، وإذا تابعت التصفح فإنك توافق على هذا

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشـريف

الأربعاء, ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠ / ١١:٠٠ ص

بسم الله الرحمن الرحيم..

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، السادة العلماء والأئمة الأجلاء.

السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نحتفل اليوم معًا بذكرى مولد نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسسًا عظيمة وخالدة للإنسانية بأسرها وأتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم ولكافة الشعوب العربية والإسلامية بمناسبة هذه الذكرى العطرة وأدعو الله "سبحانه وتعالى" أن يعيدها على الشعب المصري وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

الحضور الكريم،

إن احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة "صلى الله عليه وسلم" يستدعى كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف ويذكرنا بأن شريعة الإسلام السمحة قد قامت على البناء لا الهدم وذلك تبيانا لقول الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم والشمول والسعة فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر وليس التطرف والتشدد والعسر.

من هنا؛ ستظل قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها ويفسرونها وفق أهدافهم أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها مما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسئولية الثقيلة التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعًا.

ومما لا شك فيه، أن بناء الوعي الرشيد يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية، والتربوية، والثقافية، والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل وبين الوعي السديد والوعي الزائف وبين الحقائق والشائعات.

وإنني إذ أقدر الدور، الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة لأؤكد أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا وأن الدولة لن تالو جهدًا في دعم الأئمة وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الديني الوسطى المستنير.

الحضور الكريم،

لقد وهبنا الله "سبحانه وتعالى" نعمة العقل التي ميز بها الإنسان وشرفه على سائر مخلوقاته ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة إلى البحث والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما يحتويه من دقة في الصنع وإبداع في الخلق وإحكام في النظام وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة ونهانا عن أن نسئ إليها بخرافات وأوهام أو نتبع أفكارًا هدامة بتعصب أعمى أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج.

كما أن رسالة الإسلام، التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصارًا للحرية، حرية الإيمان والاختيار والاعتقاد وحرية الفكر إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف
عند حدود حريات الآخرين تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المحكمة التي خلق الله الكون في إطارها فما قد يعتبر قيدًا على الحريات إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين وإن تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين بل إنه محرم ومجرم ولا يتعدى كونه أداة لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

ودعونا نتفق على أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه ففي جميع الديانات وبكل أسف يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتن وإشعال نار الغضب والكراهية وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف وأؤكد للجميع أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم محمد "صلى الله عليه وسلم" في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالـم لا يمكــن أن يمســها قــول أو فعـل كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة فجوهر الدين هو التسامح ولنستلهم معًا في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا "صلى الله عليه وسلم" الذي أرسله ربه "عز وجل" ليتمم مكارم الأخلاق فرسخ "عليه الصلاة والسلام" أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع فلا إكراه في الدين.

وختامًا فلنجعل من ذكرى مولده "صلى الله عليه وسلم" نبراسًا يضئ لنا الطريق لنعمر ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف حتى نبعث برسالة من مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان وتجعلها سبيلًا لسلام العالم وتراحم البشرية بأكملها.

أشكركم وكل عام وأنتم بخير، ومصرنا الغالية في تقدم ورفعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Icon
Icon
Icon
كلمات السيد الرئيس ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشـريف

الأربعاء, ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠ / ١١:٠٠ ص

بسم الله الرحمن الرحيم..

فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، السادة العلماء والأئمة الأجلاء.

السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نحتفل اليوم معًا بذكرى مولد نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسسًا عظيمة وخالدة للإنسانية بأسرها وأتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم ولكافة الشعوب العربية والإسلامية بمناسبة هذه الذكرى العطرة وأدعو الله "سبحانه وتعالى" أن يعيدها على الشعب المصري وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

الحضور الكريم،

إن احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة "صلى الله عليه وسلم" يستدعى كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف ويذكرنا بأن شريعة الإسلام السمحة قد قامت على البناء لا الهدم وذلك تبيانا لقول الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم والشمول والسعة فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر وليس التطرف والتشدد والعسر.

من هنا؛ ستظل قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها ويفسرونها وفق أهدافهم أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها مما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسئولية الثقيلة التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعًا.

ومما لا شك فيه، أن بناء الوعي الرشيد يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية، والتربوية، والثقافية، والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل وبين الوعي السديد والوعي الزائف وبين الحقائق والشائعات.

وإنني إذ أقدر الدور، الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة لأؤكد أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا وأن الدولة لن تالو جهدًا في دعم الأئمة وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الديني الوسطى المستنير.

الحضور الكريم،

لقد وهبنا الله "سبحانه وتعالى" نعمة العقل التي ميز بها الإنسان وشرفه على سائر مخلوقاته ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة إلى البحث والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما يحتويه من دقة في الصنع وإبداع في الخلق وإحكام في النظام وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة ونهانا عن أن نسئ إليها بخرافات وأوهام أو نتبع أفكارًا هدامة بتعصب أعمى أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج.

كما أن رسالة الإسلام، التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصارًا للحرية، حرية الإيمان والاختيار والاعتقاد وحرية الفكر إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف
عند حدود حريات الآخرين تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المحكمة التي خلق الله الكون في إطارها فما قد يعتبر قيدًا على الحريات إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين وإن تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين بل إنه محرم ومجرم ولا يتعدى كونه أداة لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

ودعونا نتفق على أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه ففي جميع الديانات وبكل أسف يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتن وإشعال نار الغضب والكراهية وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف وأؤكد للجميع أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم محمد "صلى الله عليه وسلم" في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالـم لا يمكــن أن يمســها قــول أو فعـل كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة فجوهر الدين هو التسامح ولنستلهم معًا في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا "صلى الله عليه وسلم" الذي أرسله ربه "عز وجل" ليتمم مكارم الأخلاق فرسخ "عليه الصلاة والسلام" أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع فلا إكراه في الدين.

وختامًا فلنجعل من ذكرى مولده "صلى الله عليه وسلم" نبراسًا يضئ لنا الطريق لنعمر ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف حتى نبعث برسالة من مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان وتجعلها سبيلًا لسلام العالم وتراحم البشرية بأكملها.

أشكركم وكل عام وأنتم بخير، ومصرنا الغالية في تقدم ورفعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.